الشركات الناشئة هي شركات جديدة أو مبتكرة تسعى لحل مشكلة أو تلبية حاجة في السوق. تواجه هذه الشركات تحديات كبيرة في بداية مشوارها، مثل المنافسة الشديدة، التغيرات السريعة في البيئة الخارجية، الموارد المحدودة، وتقلبات العملاء. لذا، تحتاج هذه الشركات إلى نموذج تسويقي متكامل وفعال يساعدها على تحقيق أهدافها ورؤيتها.
أحد أفضل النماذج التي تناسب الشركات الناشئة هو نموذج SOSTAC، وهو اختصار لكلمات Situation, Objectives, Strategy, Tactics, Action, and Control.
طوَّر هذا النموذج PR Smith في التسعينيات من القرن الماضي، وهو إطار بسيط ومنطقي وفعال يساعد على إنشاء وتنفيذ خطة تسويقية لأي نوع من الأعمال.
في هذا المقال، سأبيِّن لك ما هو نموذج SOSTAC، وكيف يمكن استخدامه في التخطيط التسويقي للشركات الناشئة، وما هي فوائده ومزاياه وعيوبه، بالإضافة إلى النماذج البديلة له.
ما هو نموذج SOSTAC؟
ظهر نموذج SOSTAC في عام 1993، عندما نشر PR Smith كتابه الشهير “Marketing Communications: An Integrated Approach”، والذي يعتبر من أهم المراجع في مجال التسويق والاتصالات.
في هذا الكتاب، قدَّم Smith نموذجه الجديد للتخطيط التسويقي، والذي يقوم على ستة مراحل رئيسية، هي:
دراسة الواقع (Situation Analysis)
وهي المرحلة التي تتضمن تقييم الوضع الحالي للشركة، والسوق، والعملاء، والمنافسين. كما تساعد على تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات” تحليل SWOT))” للشركة، وكذلك المشكلات والتحديات الرئيسية التي تحتاج إلى حل.
تحديد الأهداف (Objectives):
تتضمن هذه المرحلة وضع أهداف ذكية (SMART) تتماشى مع رؤية ورسالة الشركة. تساعد هذه المرحلة على تحديد ما تريد الشركة تحقيقه، وكيف ستقيس نجاحها، وكيف ستوزع مواردها.
صياغة الاستراتيجية (Strategy):
يُعنى في هذه المرحلة بصياغة استراتيجية تتناسب مع أهداف وموارد الشركة. وتساعد على تحديد القيمة المضافة والميزة التنافسية للشركة، وكذلك الفئات المستهدفة، والموقع، والتميز للمنتجات أو الخدمات.
اختيار التكتيكات (Tactics):
تدور هذه المرحلة حول اختيار أفضل التكتيكات لتنفيذ الاستراتيجية، مثل مزيج التسويق (المنتج، والسعر، والمكان، والترويج). كذلك تساعد على تحديد تفاصيل تقديم الشركة لقيمتها المضافة والوصول إلى جمهورها المستهدف.
تخطيط الإجراءات (Action):
أمَّا هذه المرحلة فتتضمن تخطيط الإجراءات التي تحتاجها الشركة لتنفيذ تكتيكاتها، مثل المهام، والمسؤوليات، والميزانيات، والجداول الزمنية. تساعد هذه المرحلة على توزيع الأدوار والمسؤوليات، وتخصيص الموارد، وجدولة الأنشطة.
المراقبة والتحكم في الأداء (Control):
وأخير تتضمن هذه المرحلة مراقبة والتحكم بأداء الشركة باستخدام المقاييس المناسبة. حيث تساعد على تقييم النتائج، ومقارنتها مع الأهداف، وتحديد الفجوات والمجالات التي تحتاج إلى تحسين.
هذه هي الستة مراحل لنموذج SOSTAC. ولكن، كيف يمكن استخدام هذا النموذج في التخطيط التسويقي للشركات الناشئة؟
اقرأ أيضا: في 10 خطوات: كيف تُعد “استراتيجية دخول السوق” بنجاح + [تطبيق عملي]
الاستخدام الفعَّال لنموذج SOSTAC في الشركات الناشئة
نموذج SOSTAC هو نموذج عام ومرن يمكن تطبيقه على أي نوع من الأعمال أو الصناعات أو المشاريع. ولكن لاستخدامه بفعالية في الشركات الناشئة، يجب أن تأخذ في الاعتبار بعض النقاط الهامة، مثل:
الدقة والموضوعية:
يجب أن تحلل الشركة الناشئة الوضع الحالي بدقة وموضوعية، وتستخدم مصادر موثوقة وحديثة لجمع البيانات والمعلومات. كما يجب أن تركز على تحديد المشكلة التي تحلها أو الحاجة التي تلبيها للعملاء، والتي تميزها عن المنافسين.
الصياغة الصحيحة للأهداف:
إذا أنَّه من الضروري أن تكون أهداف الشركة الناشئة واضحة ومحددة وقابلة للقياس والتحقيق وذات صلة ومحددة زمنيا (SMART). كما يجب أن تكون الأهداف متوافقة مع رؤية ورسالة الشركة، وتعكس طموحها وتطلعاتها.
اختيار الاستراتيجية الأنسب:
الاستراتيجية الأنسب للشركة الناشئة تتحدد بناءً على الأهداف والموارد المتاحة لها. كما يجب أن تحدد الاستراتيجية القيمة المضافة والميزة التنافسية للشركة، والتي تجعلها مختلفة ومميزة عن المنافسين. يجب أيضا أن تستند الاستراتيجية إلى تحليل الفئات المستهدفة، واحتياجاتها، وسلوكياتها، وتوقعاتها.
التوافق بين التكتيكات والاستراتيجيات:
يجب أن تختار الشركة الناشئة التكتيكات التي تناسب استراتيجيتها وتساعدها على تحقيق أهدافها. إضافة إلى مزيج التسويق الأنسب لمنتجاتها أو خدماتها، والذي يشمل العناصر الأربعة التالية: المنتج (Product)، والسعر (Price)، والمكان (Place)، والترويج (Promotion). ويجب أيضا أن تراعي الشركة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على اختيارها لهذه العناصر.
التخطيط الفعَّال:
يجب أن تخطط الشركة الناشئة للإجراءات التي تحتاجها لتنفيذ تكتيكاتها بفعالية. يجب أن تحدد المهام والمسؤوليات والميزانيات والجداول الزمنية لكل نشاط تسويقي، وتوزعها على الفريق المناسب. وأخيرا أن تستخدم أدوات وتقنيات مساعدة، مثل البرامج والتطبيقات والمنصات الرقمية، لتسهيل عملية التخطيط والتنفيذ.
المراقبة والتحكم المستمر:
بأن تراقب وتحكم الشركة الناشئة أداءها باستمرار، وتقيس نتائجها دوريا، وتقارنها مع الأهداف المحددة. يجب أن تستخدم الشركة مقاييس وقياسات ملائمة وموضوعية، مثل عدد الزيارات والمبيعات، والأرباح، والولاء، والرضا. ويجب أن تحلل الشركة البيانات والمعلومات التي تجمعها، وتحديد النقاط الإيجابية والسلبية في أدائها، واتخاذ الإجراءات التصحيحية والتحسينية اللازمة.
هكذا يكون التوظيف والاستخدام الفعَّال لنموذج SOSTAC للتخطيط التسويقي للشركات الناشئة.
فوائد نموذج SOSTAC للتسويق للشركات الناشئة
استخدام نموذج SOSTAC للتسويق في الشركات الناشئة يحمل العديد من الفوائد والمزايا، حيث يساعدها على:
- تحليل الوضع الحالي للشركة والسوق والعملاء والمنافسين، وتحديد الفرص والتهديدات والتحديات التي تواجهها الشركة، والتي تحتاج إلى حلها أو استغلالها.
- وضع أهداف ذكية وواضحة ومحددة وقابلة للقياس والتحقيق وذات صلة ومحددة زمنيا (SMART)، والتي تتماشى مع الرؤية والرسالة والقيم للشركة، وتعكس طموحها وتطلعاتها.
- صياغة استراتيجية تناسب الأهداف والموارد المتاحة للشركة، وتحدد القيمة المضافة والميزة التنافسية لها، والتي تجعلها مختلفة ومميزة عن المنافسين.
- اختيار التكتيكات التي تنفذ الاستراتيجية جيدا، وتساعد الشركة على تحقيق أهدافها والوصول إلى جمهورها المستهدف.
- تخطيط الإجراءات التي تحتاجها الشركة لتنفيذ تكتيكاتها بفعالية، وتوزيع الأدوار والمسؤوليات والميزانيات والجداول الزمنية لكل نشاط تسويقي.
- المراقبة والتحكم في أداء الشركة باستمرار، وقياس نتائجها دوريا، ومقارنتها مع الأهداف المحددة، وتحديد النقاط الإيجابية والسلبية في أدائها، واتخاذ الإجراءات التصحيحية والتحسينية اللازمة.
هذه هي بعض الفوائد والمزايا التي يوفرها نموذج SOSTAC للتسويق للشركات الناشئة. ولكن، هل لهذا النموذج عيوب؟
عيوب نموذج SOSTAC
نموذج SOSTAC ليس خاليًا من العيوب أو المحدودية. هناك بعض النقاط التي يجب مراعاتها عند استخدامه للتسويق للشركات الناشئة، مثل:
- قد يقيد النموذج الإبداع والابتكار في التخطيط التسويقي، حيث إنه يتبع منهجًا منظمًا وخطيًا، قد لا يتناسب مع طبيعة الشركات الناشئة التي تحتاج إلى مرونة وتجريب وتعلم.
- قد يكون النموذج معقدًا ومستهلكًا للوقت بالنسبة لبعض الشركات الناشئة، خاصة الصغيرة والمتوسطة، وذلك لأنه يتطلب كمًا كبيرًا من البيانات والتحليلات، قد لا تتوفر لها أو لا تملك القدرة على جمعها ومعالجتها.
- قد يكون النموذج صعبًا في التكامل مع نماذج وإطارات أخرى للتخطيط، مثل النموذج RACE، وهو النموذج الأكثر تخصصًا في التسويق الرقمي، والذي يُركز على رحلة العميل والأنشطة الرئيسية للوصول، والتفاعل، والتحويل، والمشاركة.
هذه هي بعض العيوب التي يمكن أن تواجهها الشركات الناشئة عند استخدام نموذج SOSTAC للتسويق. ولكن، هل هناك نماذج أخرى يمكن استخدامها بدلاً منه؟
النماذج البديلة لنموذج SOSTAC
نموذج SOSTAC ليس النموذج الوحيد أو الأفضل للتخطيط التسويقي للشركات الناشئة. هناك نماذج أخرى يمكن استخدامها، والتي قد تحمل نفس المزايا أو تحل بعض المشاكل التي يعاني منها هذا النموذج، مثل:
نموذج PROSPER
نموذج PROSPER هو نموذج بسيط، صُمم لمساعدة المسوقين على إنشاء عمل متسق في عالم الرقمي. وهو مشابه للنموذج SOSTAC في أنه يغطي كل عناصر التخطيط التسويقي، من تحليل الوضع إلى المراجعة النهائية. ولكنه يختلف عنه في أنه يأخذ في الاعتبار أيضا الأصول والموارد والسياق التنافسي للشركة، وكذلك التقييم والتحسين والتعلم في مرحلة المراجعة.
نموذج PASTA
وهو نموذج جديد للتخطيط التسويقي للاتصالات الرقمية، يستند إلى مبادئ التسويق الرشيق (Agile Marketing).
يتكون نموذج PASTA من خمس مراحل، هي: المشكلة (Problem)، والجمهور (Audience)، والحل (Solution)، والاختبار (Test)، والتكيف (Adapt). وهو يختلف عن نموذج SOSTAC في أنه يتبع منهجًا أكثر تكرارية ومرونة، ويسمح بالإبداع والابتكار في التخطيط التسويقي.
النموذج RACE
يُعد نموذج RACE من النماذج المُخصصة للتخطيط للتسويقي الرقمي، يركز على رحلة العميل والأنشطة الرئيسية للوصول (Reach)، والتفاعل (Act)، والتحويل (Convert)، والمشاركة (Engage). وهو أكثر تفصيلًا وعمليًا من النموذج SOSTAC، حيث يوفر أدوات وتقنيات محددة لكل مرحلة من المراحل. ولكنه يمكن أيضًا أن يتكامل مع النموذج SOSTAC، حيث إن كلا النموذجين يشتركان في أنشطة التخطيط الاستراتيجي المشابهة.
خاتمة
في هذا المقال، تحدثت عن نموذج SOSTAC، وهو نموذج متكامل وفعال للتخطيط التسويقي للشركات الناشئة. شرحت ما هو نموذج SOSTAC، وكيف يمكن استخدامه في التخطيط التسويقي للشركات الناشئة، وما هي فوائده ومزاياه وعيوبه، وما هي النماذج البديلة له.
وفي الختام، أود أن أشارككم آراءكم وتعليقاتكم حول هذا الموضوع، وإذا كان لديكم أي أسئلة أو استفسارات، فلا تترددوا في إرسالها إلى عبر البريد الإلكتروني.
تنبيه Pingback: خطوات عملية لإطلاق أول فوج سياحي لشركة سياحة ناشئة بنجاح - تمكين
تنبيه Pingback: تحليل الوضع الراهن في التسويق للشركات الناشئة، أهميته وخطوات إعداده - تمكين
تنبيه Pingback: التوثيق التسويقي: أداة استراتيجية فعَّالة لمواجهة الفشل - تمكين