تخطى إلى المحتوى
Home » Blog » لنتوقف هنا قليلًا: كم تبلغ تكلفة التسويق بالمحتوى؟

لنتوقف هنا قليلًا: كم تبلغ تكلفة التسويق بالمحتوى؟

يُعد موضوع تكلفة التسويق بالمحتوى من أكثر المواضيع إشكالية، وذلك لكونه السبب وراء العديد من المشكلات التي تواجه استراتيجيات التسويق بالمحتوى. ومن أبرز هذه المشكلات: ضعف الثقة في هذه الاستراتيجية، والتوقف المبكر عن تطبيقها، وعدم تحقيق أي نتائج ملحوظة رغم كثرة الإنتاج والنشر.

التسويق بالمحتوى، شأنه شأن أي استراتيجية أخرى، يتطلب استثمارًا وإدارة جيدة لتحقيق نتائج ملموسة. ومن الخطأ الشائع تصور أن التسويق بالمحتوى استراتيجية مجانية أو سهلة التطبيق، فمثل هذا التصور يؤدي إلى التوقف عن استخدامه في وقت مبكر.

وفي هذا المقال إلى سأسلط الضوء على المغالطة المتعلقة بهذا السؤال، والعوامل المؤثرة في تكاليف التسويق بالمحتوى. هذا بالإضافة إلى إشارة سريعة لما يُسمى بالعائد الاستثماري على التسويق بالمحتوى وحسابها.

هل التسويق بالمحتوى مُكلف؟

هناك مغالطة جوهرية في هذا السؤال، تكمن في طرحه ذاته. فمن البديهي لأي شخص يفهم مبادئ الأعمال أن السؤال عن تكلفة مورد ما يأتي في المرتبة الثانية بعد فهم العائد المتوقع من هذا المورد. فإذا كان العائد المتوقع مرتفعاً وكافياً، فإن السؤال المنطقي المطروح بعد ذلك هو: كيف يمكنني الحصول على هذا المورد بغض النظر عن تكلفته؟

على سبيل المثال، إذا كان العائد المتوقع من استثمار ما يعادل ثلاثة أضعاف الاستثمار الأصلي، فإن أي تكلفة لاستحواذه تعتبر استثماراً مجدياً.  لأنك إذا استثمرت 1000 دولار، فإن العائد المتوقع هو 3000 دولار، وبالتالي فإن التركيز على تكلفة الاستثمار لتقييم جدواه فقط يُعد أمرًا غير منطقي .

وعليه، فإن السؤال الأهم من تكلفة التسويق بالمحتوى هو:

  • هل استراتيجية التسويق بالمحتوى مناسبة لمنتجي وخدماتي؟
  • وما هي العوائد المتوقعة من تطبيق هذه الاستراتيجية؟

فإذا كانت العوائد واعدة، فإن تحديد التكلفة اللازمة لتطبيقها يأتي في المرحلة التالية بهدف توفيرها، وليس لتقييم جدواها.

كيف أحسب العائد على التسويق بالمحتوى؟

هذا هو السؤال الجوهري والصحيح كما أشرنا سابقاً، إلا أنه يتعذر مناقشته باستفاضة في فقرة واحدة. ذلك لاختلاف التسويق بالمحتوى عن استراتيجيات التسويق الأخرى التي يمكن الربط فيها بين تكلفة النشاط والعائد عليه مباشرة.

على سبيل المثال، في الإعلانات المدفوعة، يمكننا القول بأن حملة إعلانية كلفتنا 1000 دولار، ونتجت عنها 1000 نقرة و100 عملية شراء. وبالتالي، يتضح لنا أن تكلفة النقرة الواحدة هي دولار واحد، وتكلفة اكتساب عميل واحد هي 10 دولارات، والعائد على الاستثمار هو 1 إلى 10.

إن بساطة هذه الحسابات ووضوحها قد يفسران الإقبال الشديد للشركات على الحملات الإعلانية. فعندما يبحث المرء عن “مسوق”، فإنه غالباً ما يقصد “مدير حملات إعلانية”.

أما لقياس العائد على الاستثمار في التسويق بالمحتوى، فينبغي فهم ثلاثة مفاهيم أساسية. سنُعرِّج عليها الآن، ونُفصِّلها في مقال لاحق بإذن الله.

مؤشرات الأداء المفتاحية – KPIs

إذا رغبت في إنتاج ونشر محتوى بهدف رفع الوعي بعلامتك التجارية، ثم بعدما أنتجت ونشرت القطعة زعمت أن الهدف قد تحقق، السؤال هنا: ما الدليل على تحقيق هذا الهدف؟

الطريقة الوحيدة لإثبات ذلك هي تحويل هذا الهدف النوعي إلى كمّي، وذلك عبر مؤشرات كمية محددة. فعند بلوغ قيمة معينة لهذه المؤشرات، نعتبر أن الهدف قد تحقق.

لنأخذ مثالاً: رفع الوعي بالعلامة التجارية قد يُقاس بمؤشرات عدة، من بينها معدل نمو المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي. فإذا سألك أحدهم كيف تحكم على انتشار علامتك التجارية؟ فإن الإجابة البسيطة هي زيادة عدد متابعيك. ولكن هل أي زيادة تعتبر نجاحًا؟ بالطبع لا، فإذا كانت الزيادة 1% في حين كان المتوقع 2%، فهذا يعني أنَّك حققت 50% هدفك فقط.

لكل هدف تسويقي مؤشر أداء رئيسي خاص به، واختيار هذا المؤشر بدقة أمر حيوي وبالغ الأهمية.

المُتتبعات – Trackers

في مثالنا السابق عن مؤشرات الأداء الرئيسية، ذكرنا أن معدل نمو المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون مؤشراً جيداً لرفع الوعي بالعلامة التجارية. وحساب هذا المؤشر يدويًا أمر سهل للغاية. فعلى سبيل المثال، إذا كان عدد متابعيك 1000 متابع في شهر يوليو، وكنت تستهدف زيادة بنسبة 5%، فإن العدد المتوقع هو 1053. ولكن إذا وصلت إلى 1020 متابعًا فقط في بداية أغسطس، فإن معدل النمو الفعلي سيكون 2% فقط.

ولكن تخيل أن هدفك هو تحقيق 1000 إحالة إلى موقعك الإلكتروني، مع تحقيق نسبة تفاعل 30% وتقليل نسبة الارتداد بنسبة 50%. من الواضح أن قياس هذه المؤشرات يدويًا أمر صعب للغاية، بل يكاد يكون مستحيلاً. لذلك، فإنك تحتاج إلى أدوات وتقنيات تتبع متخصصة تساعدك على حساب هذه المؤشرات بدقة وسهولة.

تتنوع هذه الأدوات والتقنيات باختلاف القنوات والاستراتيجيات التسويقية المستخدمة. فعلى سبيل المثال، يمكنك استخدام “Google analytics” لقياس أداء موقعك الإلكتروني، واستخدام “ٍSprout Social” لقياس أداء منصات التواصل الاجتماعي، واستخدام أنظمة إدارة علاقات العملاء )CRM) لقياس أداء المبيعات وإدارة العملاء المحتملين.

سنتناول هذه الأدوات بالتفصيل في مقالات قادمة إن شاء الله.

نماذج الإسناد  – Attribution Models

نماذج الإسناد هو المصطلح الثالث والأهم إذا أردت تحديد العائد المباشر لكل قطعة محتوى. لنوضح ذلك بمثال عملي بسيط:

لنفترض أنك كتبت مقالاً ونشرته على منصة تويتر، وربطته بصفحة هبوط لتحفيز العملاء على التواصل أو الشراء. تخيل أن عميلاً رأى المنشور على تويتر، ثم نقر على الرابط وقرأ المقال، وبعد ذلك انتقل إلى صفحة الهبوط وأتم عملية الشراء. السؤال هنا: أي من هذه القطع الثلاث )المنشور، المقال، صفحة الهبوط) هو المسؤول عن عملية البيع؟ هنا يأتي دور نماذج الإسناد التي تساعدنا في الإجابة على هذا السؤال.

هل ننسب التحويل الحاصل إلى أول تفاعل مع العميل، وهو منشور تويتر (نموذج الإسناد الأول – First Touch AM)؟ أم إلى آخر تفاعل، وهو صفحة الهبوط (نموذج الإسناد الأخير –  Last Touch AM)؟ أم نقسمه بالتساوي بين جميع التفاعلات: المنشور، المثال، وصفحة الهبوط (نموذج الإسناد الخطي – Linear AM)؟

هناك العديد من نماذج الإسناد الأخرى، ويعتمد اختيار النموذج المناسب على الأداة المستخدمة، وعلى طبيعة الصناعة والمنتج والعملاء.

بفهم هذه النماذج، ستصبح قادراً على حساب العائد على الاستثمار في المحتوى بدقة. وسنخصص مقالاً مستقلاً لشرح هذه النماذج بالتفصيل بإذن الله.

كم تبلغ تكلفة التسويق بالمحتوى؟

كما ذكرنا في بداية المقال، يجب أن تطرح هذا السؤال بعد أن تكون قد اتخذت قرارك بشأن ما إذا كان التسويق بالمحتوى مناسبًا لك أم لا، وبعد أن تكون قد اقتنعت بالعائد الاستثماري منه. في هذه الحالة، ستسأل هذا السؤال بهدف واحد وهو توفير الموارد اللازمة له.

مرة أخرى، نؤكد أن تكلفة التسويق بالمحتوى ليست مباشرة مثل إدارة الحملات الإعلانية (ومن الواضح أننا بحاجة إلى مقال منفصل للمقارنة بينهما من جوانب عدة). على سبيل المثال، لا يمكنك أن تعطيني ميزانية قدرها 2000 دولار وتطلب مني إطلاق حملة بها! هذا الأمر شبه مستحيل في التسويق بالمحتوى.

التكلفة الفعلية للتسويق بالمحتوى تعتمد، من وجهة نظري، على عاملين أساسيين وهما: الصناعة وفريق المحتوى. دعنا نناقشهما ببساطة.

كيف تختلف تكلفة التسويق بالمحتوى باختلاف الصناعة؟

اختلاف الصناعة يترتب عليه اختلاف العديد من الأمور المتعلقة بالمحتوى. على سبيل المثال:

نوع المحتوى:

في صناعات مثل إدارة الأعمال، يمكن الاعتماد على المقالات والمحتوى المكتوب أكثر من المحتوى المرئي، مما يقلل التكاليف بشكل كبير، لأن المحتوى المرئي مكلف أكثر.

مستوى التخصص المطلوب:

بعض الصناعات تحتاج إلى كُتاب وصناع محتوى متخصصين نظرًا لأهمية وحيوية هذه الصناعات.

على سبيل المثال، في القطاع الصحي، من الصعب أن تجلب كاتب محتوى من أي صناعة أخرى وتطلب منه البحث والكتابة وإنتاج محتوى يعتمد على مصادر إنجليزية ويتطلب خلفية علمية أو طبية.

مستوى التخصص هنا يفرض عليك توظيف كاتب مكلف وليس رخيصًا.

طبيعة الجمهور:

عندما نتحدث عن صناعة التصميم الداخلي مثلًا، نجد أن جمهور هذه الصناعة غالبًا ما يكون من الطبقة الراقية. وبالتالي، يجب أن يكون المحتوى الذي تنتجه متقنًا ويعكس الرُقي، لأن هذه الصناعة تعتمد بشكل كبير على العنصر البصري الذي يثبت أهليتك وذوقك الرفيع. فإذا كان الإنتاج رديئًا، فإنك تخاطر بالاستراتيجية بأكملها.

القناة التسويقية:

في صناعات مثل التطوير والتسويق العقاري، يمكن الاعتماد على تويتر كمنصة تعتمد على المحتوى المكتوب أكثر من المحتوى المرئي. ولكن إذا كنت ترغب في تسويق متجر ملابس، فقد تحتاج إلى استخدام إنستغرام بدلاً من تويتر، حيث ستحتاج إلى صور وفيديوهات بأعداد كبيرة، مما يؤدي إلى اختلاف التكاليف بشكل كبير.

كيف تختلف تكلفة التسويق بالمحتوى باختلاف فريق المحتوى؟

لديك طريقتان عمومًا لإنتاج المحتوى: إما أن يكون لديك فريق محتوى داخلي، أو أن تعتمد على المستقلين. كل طريقة لها تفاصيلها الخاصة، فلنلقِ نظرة عليها:

فريق التسويق بالمحتوى:

الميزة هنا هي أن التكلفة ثابتة، لكن مرتبات الفريق ستختلف بناءً على مستوى الخبرة والتخصص المطلوب وعدد الأدوار الموجودة فيه.

بالإضافة إلى ذلك، ثبات التكلفة قد يعني أنك ستدفع في أوقات معينة دون أن يكون هناك إنتاج حقيقي للمحتوى.

العمل مع المستقلين:

التكاليف هنا متغيرة، بمعنى أنك ستدفع بناءً على كمية المحتوى الذي تنتجه. لكن هذا يأتي مع مشكلة، وهي توفر المستقل، وأحيانًا تكون التكلفة أعلى (هنا لا نتحدث عن منصات توظيف المستقلين). بالإضافة إلى مشكلة اتساق النبرة والصوت والشخصية وغيرها من المشكلات (يمكننا التحدث عنها في مقال مستقل).

خاتمة

بصراحة، لستُ قادرًا على تقييم هذا المقال، وهل تمكنت فعلاً من معالجة الإشكالية والمغالطة في هذا السؤال أم لا. ولكنه مجرد اجتهاد لا أكثر، خاصة بعد أن وجدت شُحًا (أو قُل انعدامًا) في المحتوى العربي الذي يعالج هذا السؤال!

عمومًا، كان هدفي واضحًا، وهو توجيهك لطرح السؤال الصحيح: ما هو العائد الاستثماري على التسويق بالمحتوى وكيف أحسبه؟ وتعرف العوامل التي تعتمد عليها هذه التكاليف لا أكثر.

إذا رغبتَ في رؤية الصورة الكاملة للتسويق بالمحتوى، يمكنك الرجوع إلى مقالي: فك شيفرة التسويق بالمحتوى، والتواصل معي إذا كان لديك أي سؤال أو استفسار.

اترك رد

خلينا نتكلم
1
حابب نتكلم؟
السلام عليكم!

أنا سعيد بزيارتك لمدونتي.

هل لديك أي أسئلة أو استفسارات؟