تخطى إلى المحتوى
Home » Blog » من خسائر بالملايين إلى المرتبة الأولى، كيف حققت دومينوز بيتزا هذا التحول؟

من خسائر بالملايين إلى المرتبة الأولى، كيف حققت دومينوز بيتزا هذا التحول؟

تخيل أنك تستيقظ ذات صباح لتجد وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تتهم شركتك بأنها أسوأ مقدم خدمة في البلاد. وفيديو منتشر لأحد موظفيك يمارس سلوكًا مدمرًا لسمعتك، وحقق ملايين المشاهدات.

هل تعتقد أن شركتك تستطيع التعافي من كارثة كهذه؟ وهل يمكن استعادة سمعتك ومكانتك السابقة مهما بذلت من جهد؟

هذا بالضبط ما حدث لدومينوز بيتزا، والتي خسرت أكثر من 100 مليون دولار في أقل من عام بسبب أزمة مماثلة.

إذا كنت تمر بتجربة مشابهة، فإن قصة دومينوز بيتزا ستكون مصدر إلهام حقيقي لك لتجاوز هذه المحنة واستعادة سمعة علامتك التجارية.

كارثة دومينوز بيتزا: كيف بدأت؟

في الأسبوع الثاني من شهر أبريل عام 2009، قام موظف في أحد فروع دومينوز بيتزا بخدعة مقززة. أثناء تحضير أحد الساندويتشات، قام بوضع قطعة جبنة في أنفه، ثم أعادها إلى الساندويتش بعد أن اختلطت بالمخاط. صُوِّر هذا الفعل نُشر على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشر كالنار في الهشيم وحصد ملايين المشاهدات في يوم واحد فقط، مما شكل كارثة حقيقية لسمعة العلامة التجارية.

نتيجة لهذا الفعل المقزز، انخفضت سمعة دومينوز بيتزا بشكل حاد، واحتلت أدنى المراتب في مؤشرات رضا العملاء بالولايات المتحدة. توقفت المبيعات بشكل شبه كامل، وتعرضت الشركة لحملة هجومية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي. في غضون أيام قليلة، خسرت دومينوز بيتزا مبلغًا فلكيًا قدره 100 مليون دولار.

كيف تعاملت دومينوز بيتزا مع الأزمة؟

لو سألت العديد من مديري التسويق أو الشركات عن كيفية تعاملهم مع أزمة كبيرة مثل هذه، ستجد أن استراتيجياتهم غالبًا لن تخرج عن:

  • إلقاء اللوم على الموظف المتسبب.
  • مقاضاة الموظف.
  • إطلاق حملة إعلانية تركز على جمال وروعة منتجات العلامة التجارية.
  • تقديم عروض وخصومات كبيرة.

لكن دومينوز بيتزا اتبعت نهجًا مختلفًا تمامًا. فقد أطلقت حملة بعنوان “تحول دومينوز بيتزا – Domino’s® Pizza Turnaround”، وقامت بخطوات غير متوقعة نالت إعجاب الجميع. دعنا نستكشف هذه الخطوات بالتفصيل.

أولا: التوجيه الصحيح للاستثمار

أول ما فعلته دومينوز بيتزا هو الاستثمار في فهم آراء جمهورها.

قررت إجراء دراسة عميقة لمعرفة رأي العملاء في منتجاتها، خاصة البيتزا. لذلك، قامت بتشكيل مجموعات تركيز (Focus Groups) سمحت فيها للعملاء بمناقشة المنتج بحرية والتعبير عن آرائهم بصراحة.

لن أخوض في التفاصيل حول آراء العملاء الآن، لأني سأترك لك فيديو الحملة في النهاية لتشاهد كل شيء بنفسك. ولكن، يمكنني تلخيص الأمر بأن جودة البيتزا كانت رديئة جدًا في نظر الجميع.

ثانيا: الاعتراف بالمشكلة

بدلاً من محاولة إخفاء المشكلة أو تجاوزها، قررت دومينوز بيتزا مواجهتها بشكل مباشر. أول خطوة اتخذتها هي الاعتراف بوجود المشكلة، فقامت بجمع كل الآراء السلبية حول منتجاتها وعرضتها على طهاتها. بل ذهبت أبعد من ذلك، واستخدمت هذه الآراء السلبية في حملاتها الإعلانية!

تخيل أنك تشاهد إعلانًا لشركة ما وتجدها تعرض آراء سلبية من عملائها حول منتجاتها. بدلاً من الإشادة بجودة منتجاتها، تجد العملاء يصفون البيتزا بأنها “كرتون” والجبنة بأنها “غير طبيعية” والمنتج بأكمله “زبالة”.

هذه الخطوة تتطلب شجاعة كبيرة بلا شك، ولكن النتائج كانت مذهلة.

ثالثا: التحسين المتوافق مع احتياج العملاء

بعد ذلك، قررت دومينوز بيتزا جمع كل آراء العملاء وإجراء تغييرات جذرية على وصفة البيتزا للتغلب على جميع المشاكل التي أشار إليها العملاء.

استمعت دومينوز بيتزا باهتمام كبير إلى وصفات العملاء المثالية للبيتزا، وحاولت جاهدة تطوير الوصفة لتلبية جميع توقعاتهم. لم يقتصر الأمر على تحسين الطعم فقط، بل شمل أيضًا المظهر والقوام والملمس والرائحة، وذلك لضمان أن تكون البيتزا النهائية مطابقة تمامًا لما يتوقعه العملاء.

رابعا: العمل الجاد والجريء

لم تكتفِ دومينوز بيتزا بإعداد وصفة جديدة، ثم إطلاق حملة إعلانية تقول لعملائها: “جربوا وصفة بيتزانا الجديدة!”. لقد أدركت الشركة أن هذا النهج لن يجدي نفعًا، خاصة بعد الآراء السلبية التي تلقتها من العملاء.

بدلاً من ذلك، قررت الشركة أن يتولى كبير الطهاة مهمة تقديم البيتزا الجديدة بشكل شخصي لأعضاء مجموعات التركيز، وذلك مُباشرة في منازلهم.

هذه الخطوة كانت جريئة ومحفوفة بالمخاطر، لأنه قد يؤدي تذوق العملاء للبيتزا الجديدة بشكل مباشر إلى ردود فعل سلبية إذا لم تكن النتيجة مرضية. ومع ذلك، فإن ثقة الشركة في منتجها الجديد دفعتها إلى اتخاذ هذه الخطوة، والتي أثبتت نجاحها في النهاية حيث أعجب العملاء بالبيتزا الجديدة.

التحول، تحقق بالفعل

حققت حملة دومينوز بيتزا نجاحًا باهرًا، حيث أدت إلى تحول جذري في وضعها المالي، ورفعت من مستوى ولاء العملاء وسمعتها بشكل كبير.

بفضل هذه الحملة، شهدت دومينوز بيتزا نموًا في إيراداتها بنسبة 14.3% خلال الربع الأول من عام 2010 عن العام السابق، واستطاعت استعادة مكانتها المرموقة في السوق. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فباستمرارها في تطبيق نفس الاستراتيجية التسويقية التي ركزت على:

  • فهم عميق لاحتياجات ورغبات العملاء.
  • الشفافية والمصداقية في التعامل معهم.
  • تطوير المنتجات لتلبية توقعاتهم.
  • العمل بجد وإبداع.

تمكنت دومينوز بيتزا من تصدر قائمة شركات البيتزا في الولايات المتحدة عام 2017، متفوقة على عملاق الصناعة بيتزا هت. هذا بالإضافة إلى مبيعات بقيمة 5.9 مليار دولار في نفس العام.

خاتمة

إذا كنت تواجه مشكلة مشابهة لما واجهته دومينوز بيتزا، فتذكر أنه يمكنك بسهولة التغلب عليها. السر يكمن في بساطة الاستراتيجية، ولكن الأهم من ذلك هو الصدق. كن صادقًا مع نفسك ومع جمهورك، وكن جادًا في تنفيذ تغييرات حقيقية.

وإن الاعتراف بالمشكلة والتواصل مع جمهورك وتلبية احتياجاتهم هي العلامات الأبرز على الصدق والجدية. عندما تتبع هذه المبادئ، ستجد أن لا شيء يمكن أن يعوق نمو عملك.

اترك رد

خلينا نتكلم
1
حابب نتكلم؟
السلام عليكم!

أنا سعيد بزيارتك لمدونتي.

هل لديك أي أسئلة أو استفسارات؟