بالرغم من عدم تأكدي من صحة نسبة المقولة “المحتوى هو الملك” إلى بيل جيتس، إلا أنني أؤمن بصحتها. ذلك لأنني من الأشخاص الذين يرون أن التسويق مجرد محتوى وأشياء أخرى. هذا ليس تعصبًا للمحتوى، بل هو وعي مني بأهمية دوره وتأثيره وضرورته في كل نشاط تسويقي.
عندما نتحدث عن أهمية المحتوى، فإننا نتحدث أيضًا عن أهمية التسويق بالمحتوى، وهي العملية التي تتضمن إدارة المحتوى من التخطيط إلى التنفيذ والمتابعة والتحسين.
وإذا كنا نتحدث عن أهمية التسويق بالمحتوى للشركات بشكل عام، فستظل له أهمية خاصة بالنسبة للشركات الناشئة، نظرًا لخصوصيتها والتحديات الكبيرة التي تواجهها في مراحل النشأة.
في هذا المقال، سنناقش خمسة من أهم الجوانب التي تبرز أهمية التسويق بالمحتوى للشركات الناشئة، لعلنا بذلك نلفت الانتباه إلى ضرورة الاهتمام بإستراتيجيات التسويق بالمحتوى وتوجيه الاستثمار الكافي نحوها.
تعزيز الوعي بالعلامة التجارية
تواجه الشركات الناشئة تحديًا كبيرًا يتعلق بكسب الثقة والمصداقية في سوق مليء بالمنافسة. لتحقيق ذلك، يتعين على الشركات الناشئة أن تبرز قيمتها وتميزها وقدرتها على حل مشاكل العملاء بطرق فريدة ومبتكرة.
هنا يأتي دور وأهمية التسويق بالمحتوى، حيث يساعد الشركات الناشئة على تسليط الضوء على خبرتها ورؤيتها وقصتها من خلال محتوى جذاب ومفيد وملهم. بهذه الطريقة، يمكن للشركات الناشئة بناء علاقة قوية مع الجمهور، وزيادة الوعي بالعلامة التجارية، وخلق انطباع إيجابي عنها.
اقرأ أيضا: إنشاء العلامة التجارية للشركات الناشئة، خطوة بخطوة
توليد العملاء المحتملين
ليس كل من يتفاعل مع محتوى الشركة الناشئة يصبح عميلًا فعليًا. بل يمكن تصنيفهم إلى مراحل مختلفة من دورة الشراء، بدءًا من الوعي والاهتمام، ثم الرغبة والتفكير، وأخيرا القرار والعمل. لتحويل هذا الجمهور إلى عملاء محتملين، يجب على الشركة الناشئة تقديم محتوى مناسب لكل مرحلة من مراحل دورة الشراء.
هذا يعني أن الشركة الناشئة يجب أن تفهم بعمق شخصية العميل ورحلته واحتياجاته، ومشاكله، وأسئلته، واعتراضاته. وبناءً على ذلك، تقدم له محتوى يجيب على تساؤلاته ويوضح له الحلول ويقنعه بالفوائد ويحفزه على العمل. بهذه الطريقة، يمكن للشركة الناشئة توليد عملاء محتملين مؤهلين ومهتمين بما تقدمه من منتجات أو خدمات.
تعزيز التفاعل والولاء
ليس من الكافي أن تجذب الشركة الناشئة العملاء المحتملين فقط، بل يجب عليها أيضًا الحفاظ على اهتمامهم وتفاعلهم وولائهم. هذا يتطلب تقديم محتوى مستمر ومحدث ومتنوع ومخصص للعملاء الحاليين والسابقين.
تكمن أهمية التسويق بالمحتوى في قدرته على تعزيز العلاقة مع العملاء، وتقديم قيمة مضافة لهم، وتشجيعهم على البقاء مع العلامة التجارية وإعادة الشراء والترويج لها.
من الأمثلة على هذا المحتوى ما تُقدمه وتحرص عليه الشركات الكُبرى مثل HubSpot وغيرها من أشكال المحتوى مثل النشرات البريدية والمدونات، وكذلك الدورات التدريبية، إضافة إلى قصص النجاح، والمسابقات، والعروض، والخصومات، وبرامج الحوافز.
تساعد هذه الأمثلة الشركة الناشئة على زيادة التفاعل والولاء، والتبادل الاجتماعي، والتوصيات، والسمعة الإيجابية.
تحسين ترتيب محركات البحث
في عالم يعج بالمعلومات والمنافسة، يصبح من الضروري للشركة الناشئة أن تظهر في النتائج الأولى للبحث عندما يبحث العملاء المحتملين عن مواضيع أو كلمات مفتاحية متعلقة بمجالها.
لتحقيق ذلك، يجب على الشركة الناشئة اتباع ممارسات تحسين محركات البحث (SEO)، والتي تشمل تحسين جودة وكمية وسلطة المحتوى الذي تنشره على موقعها الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الأخرى.
هذا يعني أن الشركة الناشئة يجب أن تنتج محتوى يتميز بكونه:
- ذا جودة عالية
- مفيد ومرتبط بالموضوع
- يحتوي على الكلمات المفتاحية ذات الصلة برحلة العميل
كل ذلك إضافة إلى الاهتمام بالعوامل الأخرى ذات التأثير المُباشر على الترتيب في مُحرك البحث والتي يعلمها جيدا متخصصو تحسين محركات البحث مثل:
- الاهتمام بالروابط الداخلية والخارجية
- العناوين والوصف الجذَّابين
- الصور وبياناتها الوصفية
- سرعة، وتجاوب، وأمان صفحات الموقع الإلكتروني
بهذه الطريقة، يمكن للشركة الناشئة تحسين ترتيب موقعها في محرك البحث، إضافة إلى مكاسب أخرى أهمها:
- تحسين ترتيب موقعها في نتائج البحث
- زيادة عدد الزيارات
- تقليل معدل الارتداد
- زيادة مدة البقاء
- تحسين تجربة المستخدم
- زيادة فرص التحويل
تقليل التكاليف وزيادة العائد
قد تعتقد الشركات الناشئة أن التسويق بالمحتوى هو استثمار باهظ الثمن يستهلك الكثير من الوقت والجهد، ولكن الحقيقة تقول العكس. التسويق بالمحتوى هو واحد من أكثر طرق التسويق فعالية ، إذا نُفِّذ بطريقة صحيحة ومنهجية.
التسويق بالمحتوى يعتمد على إنشاء محتوى مرة واحدة واستخدامه مرارًا وتكرارًا عبر قنوات متعددة ولفترات طويلة. وبالتالي، يمكن للشركة الناشئة توفير التكاليف المرتبطة بالإعلانات المدفوعة والتسويق التقليدي والترويج ذو المدى القصير.
وفي المقابل، يمكن للتسويق بالمحتوى زيادة العائد على الاستثمار (ROI)، إذا تم قياسه وتحليله وتحسينه دوريَّا. هذا يعني أن الشركة الناشئة يجب أن تحدد أهدافها ومؤشراتها الرئيسية (KPIs)، وتتبع أدائها، وتقارنه بمعايير الأداء القياسية لنفس الصناعة، وتستخلص النتائج والتوصيات، وتطبقها على استراتيجيتها.
بهذه الطريقة، يمكن للشركة الناشئة تقليل التكاليف، وزيادة العائد، وتحقيق نمو مستدام ومربح.
خاتمة
في هذه المقالة، ناقشنا أهمية التسويق بالمحتوى للشركات الناشئة، وأبرزنا بعض الفوائد التي يمكن أن تحققها من خلاله، مثل زيادة الوعي بالعلامة التجارية، وتوليد العملاء المحتملين، وزيادة التفاعل والولاء، وتحسين ترتيب محركات البحث، وتقليل التكاليف، وزيادة العائد.
ونود أن نختتم بتذكير الشركات الناشئة بأن التسويق بالمحتوى ليس مجرد إنشاء محتوى، بل يتطلب تخطيطًا وتنفيذًا وقياسًا وتحسينًا مستمرين. والهدف النهائي هو تحويل الجمهور إلى عملاء مخلصين ومناصرين للعلامة التجارية.
إذا كان لديك أي استفسار، يمكنك تركه في التعليقات، أو التواصل معي عبر البريد الإلكتروني من خلال صفحة التواصل معي.