تخطى إلى المحتوى
Home » Blog » تكنولوجيا التسويق: استثمار يستحق العناء أم مجرد ضجة؟

تكنولوجيا التسويق: استثمار يستحق العناء أم مجرد ضجة؟

لا، الأمر لا يستحق. هناك العديد من الأدوات المتاحة للجميع، والتي يمكننا استخدامها لتحقيق النتائج التي نرغب فيها بامتياز!

ثم لم يلبث حتى أرسل لي ملفُّا أعده أحد صناع المحتوى اللاهثين خلف الوصول والتفاعل بعنوان “أدوات سيو مجانية ستوفر عليك مئات الدولارات”. فكان ردي عليه: الصمت.

حوار بيني وبين صاحب شركة

دار هذا الحوار بيني وبين أحد العملاء –مع بعض التصرُّف لجعل النص أكثر جاذبية– عندما اقترحت عليه شراء أداة مدفوعة للـ  SEO، إذا كان لا يرغب في التعاقد مع وكالة متخصصة وتعيين موظف متخصص لها.

لا أشك أن هذا التفكير وهذا النهج مُتَّبع لدى العديد من أصحاب الشركات الناشئة ورواد الأعمال المبتدئين عند الحديث عن تكنولوجيات التسويق، ومدى فعاليتها وقدرتها على تحسين أداء العمليات التسويقية ومن ثم تحقيق المزيد من الإنجازات والأرباح.

وهذا ما سأتطرق إليه في هذا المقال: هل حقا تكفي الأدوات المجانية وتقضي الغرض؟ وهل الاكتفاء بالجهد البشري “لأنه الأرخص” كفيل بسد الفجوات وتحقيق النتائج؟

الإجابة على هذه الأسئلة في هذا المقال، فتابع معي.

ماهي تكنولوجيا التسويق أو الـ Martech؟

تكنولوجيا التسويق هي مجموعة من الأدوات والأنظمة التي تعزز كفاءة فريق التسويق من خلال تسهيل التخطيط، التنفيذ، التتبع، والتقييم للعمليات التسويقية المختلفة. هدفها الرئيسي هو تحسين النتائج التسويقية بأقل وقت وجهد ممكن.

التعريف السابق هو نتيجة بحثي وقراءتي في مجال تكنولوجيا التسويق. قد يبدو أنني متحيز لها، ولكن الحقيقة ليست كذلك. في البداية، كنت من الأشخاص الذين لم يكونوا مقتنعين بفائدتها. ولكن، عندما قررت الاستثمار فيها، تغيرت وجهة نظري تمامًا!

تشمل تكنولوجيا التسويق مجموعة واسعة من الأنواع والتصنيفات المختلفة، بما في ذلك وليس حصرا:

  • إدارة الحملات والقوائم البريدية: مثل Mailchimp.
  • أدوات تحسين الظهور بمحركات البحث: مثل Semrush, Ahrefs, Moz.
  • أدوات إدارة التواصل الاجتماعي: مثل Hootsuite, Buffer, Zoho Social.
  • أدوات التحليل والقياس: مثل Adobe Analytics, Google Analytics.
  • أدوات إدارة علاقات العملاء: مثل Zoho CRM, Salesforce.
  • أدوات أتمتة الأنشطة التسويقية: مثل HubSpot Marketing Hub.

هذه الأصناف والأمثلة هي فقط نقطة في بحر تكنولوجيا التسويق، التي تهدف إلى هدف واحد رئيسي: مساعدة قسم التسويق على تحقيق النتائج والأهداف المرجوة.

هل يُغني الكادر البشري عن الاستثمار في تكنولوجيا التسويق؟

من الأفكار الشائعة التي قابلتها كثيرًا هي: ما الحاجة لشراء أدوات مدفوعة لتخطيط وتنفيذ عمليات التسويق؟ خاصة إذا كان لدي فريق تسويق متفرغ ولديه الكثير من الوقت يمكنه أن ينفذ فيه هذه العمليات مهما كانت مُرهقة أو مُستهلكة للوقت!

نعم، ولكن لأكون صريحًا، هذا التفكير لا يناسب أبدًا الشركات الناشئة التي تسعى بشغف للنمو وتثبيت أقدامها في السوق، وذلك لأن الكادر البشري مهما كان محترفًا، فلابد له من أدوات. وإذا كنت تنوي أن تعتمد على وقته وجهده فقط، فالخاسر الحقيقي هو أنت!

إذا أردت أن تعرف أهمية تكنولوجيا التسويق لشركتك الناشئة رغم توافر الكادر البشري الجيد، إليك بعضها:

الإنجاز

كان من الممكن أن أقول “توفير الوقت”، ولكن بما أن البعض لا يرى أهمية في ذلك، فقد اخترت أن أستخدم الكلمة “الإنجاز”.

الإنجاز يعني إتمام مهامك بنجاح وفي وقت قياسي، وهذا بالضبط ما تساعدك عليه تكنولوجيا التسويق. تمكنك من تحقيق الهدف من المهمة بنجاح وفي وقت قياسي، مما يعني أنك تستطيع الانتقال بسرعة إلى أهداف أخرى وإنجازات جديدة، وبالتالي تقترب أكثر وأسرع من هدفك النهائي.

تخيل معي أن مدير منصات التواصل الاجتماعي لديك يرغب في إجراء تحليل للمقارنة بين أدائك وأداء منافسيك. هل تعلم ماذا يعني ذلك؟ مهمة كهذه قد تستغرق أيامًا في حصر المنافسين وتحديد جوانب المقارنة ثم البدء فيها وإنهائها!

قارن ذلك بأداء أداة مثل SproutSocial، التي يمكن أن تجري مثل هذه المقارنة في لحظات! من خلال ما يُسمى بـ “Competitor Benchmarking”، يمكنك في دقائق معدودة تحديد المنافسين وتحليل أدائهم ومعرفة موقعك بينهم من حيث القوة والضعف!

إحصائيات مفصلة لثلاثة منافسين باستخدام sproutsocial تظهر أداء المنشورات والتفاعل العام مع الجمهور
مُقارنة بين ثلاثة منافسين باستخدام SproutSocial

يمكنك الاطلاع على المزيد من قدرات هذه الأداة من خلال صفحتهم التعليمية لإجراء تحليل المنافسة.

التركيز على الأهم

أثناء إعدادي لهذا المقال، اطلعت على بعض المصادر التي تُسمي هذه الميزة بـ “توفير الجهد”. ولكن، بما أني أعلم أن توفير جهد الموظف قد يتسبب في نوبات من الحساسية لبعض أصحاب الأعمال، فقد اخترت استخدام العبارة “التركيز على الأهم”.

لنعود إلى مثالنا السابق في إجراء تحليل المنافسة. تخيل أن مهمة مدير منصات التواصل الاجتماعي لم تعد البحث العميق والمتواصل عن المنافسين. بل أصبح دوره الآن هو النظر في واجهة التحليل، التأمل في مؤشرات الأداء، ثم الحكم على هذا الأداء واقتراح التحسينات الضرورية وتحويلها إلى أهداف موضوعية. ثم الانتقال إلى خطة العمل وتتبع مدى إنجازها!

قل لي بربك، أيهما أولى وأنفع لعملك، أيام تُمضى أمام الشاشات دون جدوى حقيقية، أم الرؤية الواضحة والمحددة والأهداف الموضوعية لعملك؟

دقة وموضوعية النتائج والعمل

أثناء القيام بالأعمال الثقيلة والمرهقة، والتي عادة ما تكون مملة، قد نميل إلى الإسراع في الحكم والوصول إلى النتائج النهائية دون الاستناد إلى أدلة موضوعية كافية. هذا هو الحال بالنسبة لموظفيك عندما يتعين عليهم القيام بمثل هذه الأعمال!

تخيل معي أن مدير الحملات الإعلانية لديك طُلب منه أن يُجري بحثُا عن الكلمات المفتاحية البيعية لإنشاء حملة بحث على محرك البحث جوجل. أعلم جيدًا ما يمر به هذا الموظف عندما يبدأ البحث بالطرق التقليدية، حيث تتضمن جلسات العصف الذهني والبحث عن العديد من الكلمات على Google Planner أو الكلمات المقترحة والملء التلقائي!

بعد ساعات من العمل، سيقول لنفسه: هذا يكفي، دعنا نبدأ بهذه الكلمات المقترحة، ونرى قدرات جوجل على ترشيح المزيد من خلال الـ Search Terms.

هذا الموظف لم يقصر في عمله، بل هذا هو المتاح لديه. ولكن تخيل معي لو كان بإمكان هذا الموظف استخدام أداة مثل SpyFu أو SEM Rush، حيث يمكنه بضغطة زر التعرف على الكلمات المفتاحية التي يستخدمها المنافسون. هكذا، ستكون اختياراته أكثر دقة وموضوعية، ولن تتأثر بساعات العمل والإرهاق!

منطقة أعلى الطية من موقع SPYFU لفحص المنافسين ومعرفة الكلمات المفتاحية لاستخدامها
استخدام SpyFu لاكتشاف الكلمات المفتاحية التي يستخدمها المنافسون

قائمة المنافع والفوائد لا تنتهي بهذه النقاط الثلاث، ولكني أرى “على المستوى الشخصي” أن الوقت والجهد ودقة النتائج هم الأهم فيما يتعلق بأداء الموظف.

هل تُغني الأدوات المجانية عن تكنولوجيا التسويق المدفوعة؟

يُطرح هذا السؤال نفسه في ذهن كل صاحب شركة ناشئة أو رائد أعمال بدأ نشاطه حديثا. يتساءلون: لماذا ندفع مقابل أدوات تتوفر بدائل مجانية لها، أو التي تُقدم نُسخًا مجانية من أدواتها؟

قبل أن نبدأ النقاش حول هذا السؤال، دعني أوضح شيئًا هامًا: لا شيء مجاني. بطريقة أو بأخرى، تدفع ثمن الخدمة التي تستفيد منها. قد تعتقد أن الثمن زهيد، سواء كانت معلوماتك الشخصية، أو تحليلات نشاطاتك واحتياجاتك، أو بيانات عملك التي تضعها وتخاطر بها في يد من لا تعرفهم، كل ذلك للحصول على الخدمة مجانًا!

ولكن، دعنا نتجاوز ذلك وندخل مباشرة في صلب الموضوع: لماذا يجب عليك استثمار أموالك في تكنولوجيا التسويق المدفوعة بدلاً من الأدوات المجانية؟

المزيد من الميزات والقدرات

النُسخ المجانية من أي خدمة أو أداة ليست مُصممة لتغنيك بالكامل، وإلا فما الداعي لوجود النسخ المدفوعة؟ لذا، إذا كنت جادًا في الحصول على نتائج حقيقية، فلا يمكنك الاعتماد على النسخ المجانية لفترة طويلة.

لنأخذ تجربتي الشخصية كمثال، أستخدم تطبيق Buffer منذ سنوات في جدولة المنشورات على المنصات التي أتفاعل عليها مع زملاء المهنة والعملاء. إذا أردت جدولة المنشورات على كل منصة على حدة، فإن هذا يستهلك الكثير من الوقت والجهد. ولكن عندما بدأت في استخدام النسخة المجانية، واجهتني بعض التحديات، مثل:

  • لا أستطيع جدولة أكثر من 10 منشورات.
  • لا أستطيع إضافة أكثر من 3 منصات تواصل اجتماعي، مما يعني محدودية كبيرة في نطاق وكمية النشر.
  • لا يمكنني إضافة مستخدمين آخرين لإدارة الحسابات.
  • لا يمكنني الوصول إلى ميزات أخرى حيوية مثل واجهة التحليلات وتحليل المنافسين والاستماع إلى العملاء وغيرها من الميزات الضرورية لي ولعملي.

هذا أمر متوقع وطبيعي، فليس من المعقول أن توفر الخدمة كل الميزات مجانًا. للحصول على هذه الميزات، يجب أن تدفع!

مقارنة بين خطط الأسعار المختلفة لخدمة Buffer
الخطط السعرية والفرق في الميزات بينها لدى Buffer

أما بالنسبة لك، كعمل يسابق الزمن للحصول على النتائج، فستحتاج إلى ميزات أخرى قد لا تجدها في النسخ المجانية مثل الدعم والقدرة على التكامل مع التطبيقات الأخرى، وأخيرًا تكييف الخدمات وفقًا لاحتياجاتك الخاصة.”

المزيد من الاعتمادية والأمان

إذا كنت ترغب في استخدام خدمة إدارة علاقات العملاء (CRM)، فستجد العديد من الخيارات المتاحة والمجانية، بدءًا من قوالب التطبيقات مفتوحة المصدر إلى الخدمات والإضافات المجانية المُلحقة بموقعك.

ومع ذلك، تفتقر كل هذه الخيارات إلى شيء مهم للغاية، وهو الاعتمادية والأمان. لنضع الأمور في سياقها الصحيح، هل يمكنك الاعتماد على قالب Google Sheet وحده لحفظ وإدارة بيانات عملائك؟ أم أن هناك شعورًا يلاحقك بأنه يجب ألا تعتمد عليه وحده، وأنه يجب أن تحتفظ بنسخة احتياطية في حالة الطوارئ؟

وإذا كنت تستخدم نسخة مفتوحة المصدر وحدث عطل ما، من سيدعمك؟ وإلى من ستتواصل لحل المشكلة؟ وهل تأمن على بيانات عملائك من الضياع أو السرقة؟

الدفع مقابل الخدمة يعني ببساطة أنك تستطيع الاعتماد على استخدامها، وأن هناك دعمًا مستمرًا يمكنك الرجوع إليه في حالة حدوث أي مشكلة.

المزيد من المرونة والقابلية للتوسع

في أحد المشاريع التي عملت عليها، كان الهدف هو تكييف ومواءمة Zoho CRM ليناسب طبيعة العمل في إحدى شركات الرعاية الصحية المنزلية. لم يكن الأمر سهلاً، ولكنه كان قد يكون مستحيلاً لو اعتمدت الشركة على خدمة مجانية!

بفضل دعم Zoho الممتاز (الذي تحصل عليه مقابل الدفع)، استطعنا التعاون مع أحد المبرمجين المتخصصين فيها وتنفيذ المشروع بنجاح. خدمة عملاء Zoho كانت معنا خطوة بخطوة حتى أكملنا المشروع بنجاح!

استخدامك للنسخ المجانية أو مفتوحة المصدر قد يكون له ميزات، ولكن بدون دعم مدفوع، ستكون المهمة أصعب بكثير. إلا إذا قررت إنشاء نظام خاص بك من الصفر، ولكن في هذه الحالة، لن يكون الأمر مجانيًا، بل ستدفع في مقابل البرمجة، والإنشاء، والدعم، والتحديث.

وأثناء عملي على مشروع آخر، وهو نظام ERP أو التخطيط لموارد المؤسسة، كانت أهم ما يميز العمل هو القابلية للتوسع. إذا كان النظام مناسبًا للشركات الصغيرة، فإنه يمكن توسيعه ودعم قدراته باستمرار ليدعم متطلبات التوسع.

عائد أكبر على الاستثمار

هذه الميزة يمكن اعتبارها النتيجة المتوقعة والمنطقية لجميع الميزات السابقة!

القليل من الأعطال، الإنجاز في أوقات قياسية، توفير الجهد، وتوجيه التركيز إلى المهام الأكثر أهمية، بالإضافة إلى تعدد الميزات والقدرات والتكامل الجيد مع مهام العمل، كل هذا سيؤدي في النهاية إلى إنتاج عالي الكفاءة والجودة!

لنأخذ تجربتي الشخصية كمثال. كنت أدير حملة إعلانية على جوجل، وفجأة ودون مُقدمات تراجعت معدلات التحويل بشكل مُفجع! بعد مراجعة كل شيء، لم نجد أي مشكلة واضحة في مدير الإعلانات سوى التراجع في معدل الظهور أعلى الصفحة. بعد مزيد من البحث، اكتشفنا أن المشكلة كانت في سرعة صفحة الهبوط، التي تأثرت بشكل كبير بسبب سرعة الاستضافة (كانت استضافة شبه مجانية).

هذا العطل الكبير أثر على أداء الحملات لأكثر من أسبوع، مما أدى إلى خسارة الشركة لما يقرب من 30 ألف ريال سعودي بسبب هذا العطل!

هذه تجربة قاسية، وأتمنى ألَّا يمر بها أي من عملائي مرة أخرى!

خاتمة

خاتمة لم يكن هدفي من استعراض أهمية استخدام تكنولوجيا التسويق هو الدعاية أو الترويج لها، أو حتى استبدال البشر بها كما يحاول البعض أن يفعل. أردت فقط أن ألفت انتباهك إلى أمر هام: كما أنَّك لا يمكنك استبدال البشر بالأدوات، فأنت أيضا لا تستطيع استبدال الأدوات بالبشر. بالنسبة للموظف الناجح والمحترف، يتضاعف إنتاجه إذا ما توفرت له أدوات جيدة، ويتأثر العمل بالكامل إذا غاب واحد منهما!

في النهاية، أحمد الله على ما هداني إليه في هذا المقال، راجيًا أن أكون قد أفدتك بشيء ما. إذا كان لديك أي سؤال أو استفسار، فلا تتردد في التواصل معي عبر صفحة “تواصل معي“ أو ترك سؤالك في التعليقات.

شاركني رأيك

اترك رد

خلينا نتكلم
1
حابب نتكلم؟
السلام عليكم!

أنا سعيد بزيارتك لمدونتي.

هل لديك أي أسئلة أو استفسارات؟