تخطى إلى المحتوى
Home » Blog » أخطر التحديات التي تواجه الشركات الناشئة، وتأثيرها على استراتيجيتها التسويقية

أخطر التحديات التي تواجه الشركات الناشئة، وتأثيرها على استراتيجيتها التسويقية

خسارة فادحة تنتظر الشركات الناشئة إذا لم تُدرك الفرق الكبير بينها وبين الشركات القائمة بالفعل، فهذه الفروق تمثل تحديات كبيرة أمامها وتؤثر بقوة على اختيار استراتيجيات التسويق الأنسب والقرارات المتعلقة بالاستثمار الأمثل لمواردها.

إذا كنت صاحب شركة ناشئة أو مدير للتسويق في واحدة منها ولم تكن على وعي بتلك الفروق والتحديات، وتنوي أن تعاملها معاملة الشركات القائمة، فهذا يعني أنك تسير في أقصر وأسرع مسار نحو هدر مواردك وخسارة عملك.

في هذا المقال، أناقش تلك الفروق بين الشركات الناشئة والشركات القائمة، وكيف يمكن أن تمثل تحديًا كبيرًا لها، وأخيرًا، كيف تؤثر تلك التحديات على اختيار الاستراتيجية التسويقية الأنسب للشركات الناشئة.

محدودية الموارد

وفرة الموارد وإتاحتها هي أكبر تحديات الشركات الناشئة، ولا أقصد بالموارد هنا المالية فقط، بل كل ما يتطلبه الإنجاز وتحقيق الأهداف لدى الشركات الناشئة، فقد يكون ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

– الموارد المالية: لتمويل العمليات والنشاطات التسويقية، واستقطاب الكوادر البشرية، وتوفير الأدوات والتكنولوجيا اللازمة لكل استراتيجية من استراتيجيات التسويق.

– الموارد البشرية: فالشركات الناشئة تعاني بحق، ليس فقط في إيجاد تلك الكوادر، بل في قدرتها أيضا على إقناعهم واستقطابهم، ثم بعد ذلك في توفير الموارد لهم ليعملوا بأريحية من أجل تحقيق النتائج.

– الوقت: وسيأتي الحديث عن الوقت وتأثيره فيما بعد، ولكن لنقل مبدئي أن متطلبات النمو وحجم الأعمال والأعباء الملقاة على عاتق الشركات الناشئة أكبر بكثير من الحدود الزمنية المتاحة لها! وهو ما يجعل الوقت من أكثر الموارد ندرة، وأكثرها خطورة في سبيل تحقيق الشركات الناشئة لالتزاماتها ومتطلبات نموها وبقائها.

كيف تؤثر محدودية موارد الشركات الناشئة على اختيار الاستراتيجية التسويقية؟

تؤثر نُدرة الموارد على استراتيجيات التسويق المُختارة، إذ لا بد من اختيار الاستراتيجية التي تحقق التوازن وأفضل مزيج بين الموارد المطلوبة في ضوء المُتاح. فلا يُعقل أبدا أن تبدأ الشركات الناشئة استراتيجيتها التسويقية معتمدة على واحدة تتطلب موارد مالية كبيرة، أو كوادر بشرية مُدربة ومُؤهلة تأهيلا عاليا!

ومن الأخطاء الشائعة التي تقع فيها الشركات الناشئة: العمل على كل الاستراتيجيات التسويقية المُتاحة مرة واحدة، مغترة في ذلك بسهولة بدء الاستراتيجية وإتاحتها، ولكن الذي لا تعلمه أن سهولة البدء في استراتيجية ما، لا يعني بالضرورة سهولة تحقيق النتائج، بل قد تستنزفها بشدة مؤدية إلى فشل تسويقي ذريع.

على الشركات الناشئة أن تختار الاستراتيجية التسويقية الأنسب لطبيعة المنتج، العميل، وإمكانياتها ومواردها المتاحة، وتقاوم قدر الإمكان الرغبة المُلحة والإغراء في البدء المتزامن في كل الاستراتيجيات والتواجد على كل القنوات، فهذا يضر بمصالحها ولن ينفعها أبدا.

اقرأ أيضا: في 10 خطوات: كيف تُعد “استراتيجية دخول السوق” بنجاح + [تطبيق عملي]

الحاجة للنمو السريع

تعمل الشركات الناشئة في بيئة تنافسية، وهذه هي طبيعة الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الالتزامات التي تفرضها البدايات، والتي غالبًا ما تتعلق بالتمويل والسيولة المالية.

إذا لم تتمكن الشركة من النمو والتقدم بسرعة، فقد تواجه مشكلات حقيقية قد تهدد وجودها. هذه المشكلات قد تتضمن منافسة تهدف إلى الإضرار بها- وهو الأمر المعتاد- والتزامات تضغط باستمرار على مواردها التي تعاني بالأساس من مشكلة في توافرها وإتاحتها.

كيف يؤثر حاجة الشركات الناشئة للنمو السريع على اختيار الاستراتيجية التسويقية؟

هناك استراتيجيات تسويقية متخصصة في النمو السريع للشركات الناشئة، وهي تُعرف بـ اختراق النمو- Growth Hacking أو تسويق النمو- Growth Marketing هذه الاستراتيجيات تتميز بعدة خصائص، منها:

– التركيز على النمو: حيث تركز هذه الاستراتيجيات على توسيع قاعدة العملاء للشركات الناشئة من خلال اكتسابهم، ثم الاحتفاظ بهم، ثم تحويلهم إلى سفراء للشركة لجذب المزيد من العملاء.

– التجربة والتكرار: تتيح استراتيجية اختراق النمو للشركات الناشئة الفرصة للتعلم من خلال التجربة وجمع البيانات وتحليلها، لتحصل بذلك على صورة واقعية عن أفضل استراتيجية تسويقية لتحقيق النمو السريع.

– التحليل الدقيق للبيانات: تستخدم البيانات في استراتيجيات اختراق النمو أساسًا للوصول إلى قرارات استراتيجية بشأن التسويق واستراتيجياته والتحسينات التي يتطلبها.

يجب على الشركات الناشئة اعتماد اختراق النمو كاستراتيجية أساسية للوصول إلى أفضل مزيج واستراتيجية تسويقية تناسب فئتها المستهدفة وطبيعة منتجاتها والموارد المتاحة لها.

ضعف اليقين

عدم اليقين لدى الشركات الناشئة يعني أنها غير قادرة على التوصل إلى صورة واضحة بشأن السوق وقدراتها، وهو ما يعوقها عن اتخاذ القرارات اللازمة بشأن التسويق واستراتيجياته.

وعدم اليقين قد يكون متعلقًا بأمور كثيرة، من أهمها:

– أخطار السوق: قد تشترك الشركات الناشئة مع الشركات القائمة في هذه المشكلة، إلا أن غياب سابقة العمل لديها وكونها مستجدة في السوق يجعل من الأمر خطرًا حقيقيًا بالنسبة لها.

حجم الطلب على المنتجات والخدمات: هذا من أكبر مخاوف الشركات الناشئة، فقد تدور العديد من التساؤلات في أذهان أصحابها ومديريها: هل سيتقبل العملاء هذه المنتجات أو الخدمات؟ وما هو حجم الطلب عليها؟ وهل سيؤمِّن هذا الطلب عائدات توفي بالتزامات الشركة؟

– شرائح العملاء المستهدفة: هذا نطاق آخر من عدم اليقين، فقد تتساءل الشركات الناشئة حول شريحة العملاء الأنسب لمنتجاتها، خاصة إذا كانت تغطي الحاجة لهذه المنتجات أو الخدمات شرائح واسعة من العملاء. والحقيقة إن هذه التغطية الواسعة واحدة من الإغراءات التي قد تعصف بالشركات الناشئة إذا لم تتخذ بشأنها قرار حكيم في ضوء مواردها وإمكاناتها.

– عرض القيمة الفريدة: العديد من الشركات الناشئة تعاني من عدم اليقين بشأن القيمة الفريدة التي تقدمها منتجاتها أو خدماتها والتي يجب أن تشتمل عليها رسالتها التسويقية.

كيف يؤثر عدم اليقين لدى الشركات الناشئة على اختيار الإستراتيجيات التسويقية؟

في هذه الحالة، التسرع في اختيار استراتيجية تسويقية واحدة وثابتة خطأ جسيم لا يقل في خطورته عن الدخول مباشرة في كل الاستراتيجيات في آن واحد!

يجب على الشركات الناشئة الاهتمام بالتجربة وجمع البيانات وتحليلها في البداية، وتكريس جزء كبير من مواردها وإمكاناتها في البداية لهذه الاستراتيجية حتى تتمكن من التوصل إلى قرارات واعية في كل هذه الأمور. ولعل G.R.O.W.S. كإطار عمل لجمع واختبار الأفكار والاستراتيجيات، من أفضل الأطر التي يمكن للشركات الناشئة اعتمادها واستخدامها.

صعوبة اكتساب العميل

اكتساب العميل ليس بالأمر السهل لدى الشركات جميعها بغض النظر عن حجمها وطورها، إلَّا أنه بالنسبة للشركات الناشئة يمثل تحديا يتجاوز في خطورته باقي الأعمال.

ويمثل اكتساب العميل وتكلفته تحديا كبيرا لدى الشركات الناشئة لتأثره بدرجة كبيرة بالتحديات الأخرى التي تعاني منها، والتي قد تتسبب فيما يلي:

– الخطأ في الاستهداف: ويتسبب في ذلك عدم اليقين في فئة العملاء المستهدفة وأحيانا نقص الخبرات والكوادر البشرية المُدربة، وهو ما يعني ببساطة استنزاف موارد الشركات الناشئة في محاولة جذب فئة لا تناسب المنتج أو الخدمة لتُضعف بذلك احتمالات التحويل ونسبته.

– عدم وضوح الرسالة التسويقية: وهو أمر طبيعي خاصة في حالة عدم اليقين بشأن عرض القيمة الفريد الذي تُقدمه الشركات الناشئة لعملائها! فمن دون عرض فريد واضح، لن تكون هناك رسالة تسويقية قيِّمة ومقنعة.

– عدم التوافق بين المنتج والسوق: وعادة ما تنشأ هذه المشكلة عن عدم دراسة السوق دراسة وافية قبل إنتاج وإطلاق المنتج، وعدم التوافق هذا يعني قطعا صعوبة في إقناع العميل بالشراء لأنه ببساطة لا يحل مشكلته أو يلبي احتياجاته.

– ضعف الثقة: وخاصة إذا كانت الشركات الناشئة من نوعية الأعمال إلى الأعمال B 2 B، إذ تحتل الثقة في قدرة الشركة على تلبية الاحتياجات والدعم المُستمر مساحة كبيرة من عملية اتخاذ القرار.

قد يكون هناك أسباب أخرى تجعل من عملية اكتساب العميل أمرا صعبا، ولكن تلك الأسباب الثلاثة هي الأكبر تأثيرا- من وجهة نظري- على تكلفة وإمكانية اكتسابه.

كيف تؤثر صعوبة اكتساب العميل لدى الشركات الناشئة على اختيار الإستراتيجيات التسويقية؟

كما هو مأثور: “ما يصعب اكتسابه، ليس من السهل التفريط فيه” وهكذا يجب على الشركات الناشئة أن تصمم استراتيجيتها التسويقية، بحيث تتمحور حول الاستفادة القصوى من العميل المُكتسب، حتى إذا ما نجحت في اقتناصه، حققت منه أقصى استفادة ممكنة.

ولكن كيف ذلك بالتحديد؟ إليك بعض الأمثلة على الاستراتيجيات التي يمكنها تحقيق أفضل استفادة ممكنة من العملاء الحاليين:

– تحسين تجربة المستخدم: وفقا لإحصائية نشرتها Zippia فإن 71 % من العملاء قد يتحولون إلى علامة تجارية أخرى بعد تجربة واحدة سيئة مع العلامة التجارية الحالية، وبما أن اكتساب الـ 100 عميل الأولى بالنسبة للشركات الناشئة ليس أمرا سهلا، فستكون خسارة فادحة إذا خسروا 71 منهم بسبب تجربة شراء أو تعامل سيئة.

– تقديم خدمة عملاء ممتازة: قد لا تكون خدمة العملاء ضمن نطاق التسويق وفقا للتعريف البائد لما تعنيه كلمة تسويق، أمَّا اليوم، فقد بات واضحا أن التسويق متداخل مع كافة عمليات الشركة المسؤولة عن اكتساب والاحتفاظ بالعملاء، ومنها قطعا خدمة العملاء.

– إنشاء برامج الولاء: وذلك لإبقاء العملاء مرتبطين بالشركات الناشئة لأطول فترة ممكنة، وهو ما يعني زيادة قيمة عمر العميل أو Customer Lifetime Value

– البيع المتقاطع، والبيع الإضافي: سيساعد تلك الشركات الناشئة في زيادة متوسط طلب العميل- Average order value، وتحقيق أفضل مزيج من بيع الخدمات أو المنتجات، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى تصميم حكيم لنظام الترشيح وطبيعة المنتجات وكيف يخدم كل واحد منها الآخر.

– إعادة الاستهداف: وذلك ببساطة لأن احتمال النجاح في البيع وتقديم الخدمات للعملاء الحاليين تتراوح بين 60-70 % بينما لا تتخطى احتمال النجاح مع العملاء الجدد 5-20 %. لذا ليس من الحكمة أن تصرف الشركات الناشئة جهدها بعيدا عن تعظيم العائد باستهداف العملاء الحاليين.

– تنشيط برامج الإحالة: هكذا تحوِّل الشركات الناشئة عملاءها الحاليين إلى سفراء لعلامتها التجارية وآلات دعاية مجانية لها، وتُعد برامج الإحالة من أقوى أدوات التسويق لدى الشركات الناشئة للاستفادة من قاعدة العملاء الموالية لها.

ضعف الثقة

تمثل الثقة المكون الأهم لدى الشركات جميعها فيما يخص اكتساب العملاء وإقناعهم بشراء المنتجات أو الخدمات، والحقيقة إن الشركات الناشئة في تحد حقيقي بسبب غياب هذا المكون، لأن الثقة- بالنسبة للعميل- تعني نضج الشركة وقدرتها على تحمل أخطار الشراكة معها وتلبية الاحتياجات المستمرة والمتجددة.

ولكن هل يمكن للشركات الناشئة أن تنجوا وتنموا في ظل ضعف الثقة وغيابها؟ الحقيقة أن الفرصة ما زالت أمامها، ولكن بشرط واحد، أن تستحضر سؤالا واحدا قبل البدء في تنفيذ أي عملية تسويقية أو احتكاك ومواجهة مع الجمهور وهو: ما هي المعايير التي يجب أن يشتمل عليها هذا النشاط لتعزيز ثقة العملاء؟

كيف يؤثر ضعف الثقة في الشركات الناشئة على اختيار الإستراتيجيات التسويقية؟

الثقة كقطع الـ Puzzle، كلما أُضيفت قطعة جديدة، صار المشهد أكثر وضوحا، وهكذا تبني الشركات الناشئة الثقة لدى عملائها، باكتساب وإضافة قطع الـ puzzle أو مكونات الثقة واحدة تلو الأخرى حتى تبني الثقة الكاملة والقوية في علامتها التجارية.

والحقيقة، أننا لا يمكننا أن نضيف كثيرا على ما قلناه في تحدي اكتساب العملاء الجدد وصعوبته، فالاستراتيجيات نفسها تُستخدم في بناء الثقة وتقويتها لدى العملاء، ولكن كما قلت في الفقرة السابقة، لا بد من أن يقود هذه الاستراتيجيات جميعها سؤال واحد: ما هي المعايير التي يجب أن تشتمل عليها هذه الاستراتيجية لتعزيز ثقة العملاء؟

هكذا يمكنك بناء ثقة العميل، لن أقول بسهولة، ولكني سأقول: بشكل أكيد.

خاتمة

قائمة التحديات والفروق بين الشركات الناشئة والقائمة التي ناقشناها في هذا المقال ليست شاملة، بل فقط تتضمن التحديات الأبرز والأكثر خطورة وارتباطا بالتسويق.

والآن بعدما استعرضنا تلك التحديات، أتمنى أنك قد تكونت لديك صورة واضحة عن كيفية تأثير تلك الفروق والتحديات على شركتك الناشئة، وكيف تتصور الاستراتيجية التسويقية الأنسب لك إذا ما كنت صاحب لهذه الشركة أو مديرا للتسويق فيها.

وأخيرا، إذا كان لديك سؤال أو ما زالت بعض التحديات وتأثيرها على استراتيجيتك التسويقية غير واضحة، أدعوك لترك سؤالك في التعليقات أو مراسلتي مباشرة من خلال نموذج المراسلة في صفحة التواصل معي

اترك رد

خلينا نتكلم
1
حابب نتكلم؟
السلام عليكم!

أنا سعيد بزيارتك لمدونتي.

هل لديك أي أسئلة أو استفسارات؟